المجلة | حــديث |عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللّه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة

عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ النّسَاءِ تَصَدّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاستغْفَارَ. فَإِنّي رَأَيْتُكُنّ أَكْثَرَ أَهْلِ النّارِ" فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنّ، جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النّارِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللّعْنَ. وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُب مِنْكُنّ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدّينِ؟ قَالَ: "أَمّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ. فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، وَتَمْكُثُ اللّيَالِيَ مَا تُصَلّي، وَتُفْطرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانُ الدّينِ". رواه مسلم.
يأتي هذا الحديث في إطار نظرة الإسلام إلى المرأة، وتكريمه إياها، والحرص عليها. والتي تختلف عن نظرة غيره من الأديان الأخرى سماوية كانت أو أرضية، وعن نظرة النظريات البشرية القاصرة، فالإسلام لا ينظر للمرأة على أنها كائن منحط قريب من الحيوان، ولا ينظر إليها على أنها متاع تورث ولا ترث. بل لقد كان أهل الديانات الأخرى يتساءلون هل للمرأة روح مثل الرجل أم لا ؟ هل تدخل الجنة كما يدخل الرجل ؟ بل قررت بعض المؤتمرات الكنسية أن المرأة شيطان، حيث إنها تسببت في خروج آدم من الجنة. لقد اعتبر الإسلام المرأة إنسانا كاملا له أهلية كاملة مثل الرجل، فهي نصف المجتمع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال)، وأوصى بهن النبي الكريم: (استوصوا بالنساء خيرا). وفي الحديث الذي معنا يتوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء _ نصف الأمة _ بالنصح ليكثرن من التصدق والاستغفار، وغيرها من أفعال البر وسائر الطاعات، ثم يعلل ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم رأى النساء أكثر أهل النار، وهذا يبين مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على النساء أن يكن من أهل الجنة، فيرشدهم إلى ما يكون سببا في دخولها. ويبين الحديث أيضا مدى حرص النساء على دخول الجنة واجتناب ما يكون سببا لدخول النار، فتسأل إحداهن: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النّارِ؟ فيجيب النبي الكريم معللا: "تُكْثِرْنَ اللّعْنَ. وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ". والعشير هو الزوج، ومعنى تكفرن العشير: أي تنكر إحسان زوجها إليها بمجرد أن ترى منه بادرة شر تسوءها. واللعن في اللغة الإبعاد والطرد، وفي الشرع الإبعاد من رحمة الله تعالى، ولا يجوز أن يبعد من رحمة الله تعالى من لا يعرف حاله وخاتمة أمره معرفة قطعية، فلهذا قال العلماء: لا يجوز لعن أحد بعينه مسلما كان أو كافرا أو دابة إلا من علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر أو يموت عليه كأبي جهل وإبليس، وأما اللعن بالوصف فليس بحرام، كلعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله والمصورين والظالمين والفاسقين والكافرين، وغير ذلك مما جاءت به النصوص الشرعية بإطلاق على الأوصاف لا على الأعيان، والله أعلم. وفي الحديث تعليل للمقولة التي شاعت على ألسنة الكثيرين، واعتبرها البعض انتقاصا من حق المرأة، فقوله صلى الله عليه وسلم: "أَمّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ. فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ " أي علامة نقصانه. وليس ذلك لعيب فيها بل إن جانب العاطفة في المرأة يفوق جانب العقل، ليناسب ذلك دورها في الحياة وهو أن تكون زوجة وأُمًّا، ومن المشاهد المألوفة التي نلمسها ونلاحظها عن المرأة أنها أحيانا تغلب العاطفة على العقل، لذا جعلت شهادتها على النصف من شهادة الرجل، فالرجل أقل عاطفة منها فلا تؤثر عليه أي عوامل أخرى في شهادته سوى ما شاهده ورآه. وأما وصفه صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان الدين لتركهن الصلاة والصوم في زمن الحيض فقد يستشكل معناه وليس بمشكل بل هو ظاهر، فإن الدين والإيمان والإسلام مشتركة في معنى واحد والطاعات تسمى إيمانا ودينا، وإذا ثبت هذا علمنا أن من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه، ثم نقص الدين قد يكون على وجه يأثم به، كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من العبادات الواجبة عليه بلا عذر، ، وقد يكون على وجه لا إثم فيه، كمن ترك الجمعة أو الغزو أو غير ذلك مما يجب عليه لعذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به، كترك الحائض الصلاة والصوم، فإن قيل: فإن كانت معذورة فهل تثاب على الصلاة في زمن الحيض وإن كانت لا تقضيها كما يثاب المريض والمسافر ويكتب له في مرضه وسفره مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته وحضره؟ فالجواب أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب، والفرق أن المريض والمسافر كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها، والحائض ليست كذلك بل نيتها ترك الصلاة في زمن الحيض، بل يحرم عليها نية الصلاة في زمن الحيض، فنظيرها مسافر أو مريض كان يصلي النافلة في وقت ويترك في وقت غير ناو الدوام عليها، فهذا لا يكتب له في سفره ومرضه في الزمن الذي لم يكن يتنفل فيه، والله أعلم.

المزيد